Thursday, October 06, 2005

الفتاة التي تحكي القصص

قصة مذهلة فعلا، كنت قد وجدتها في أحد المنتديات التى لا أتذكر عنوانها الآن للأسف.
اسم القصة الأصلى هو Telling Stories.
.والكاتبة أيرلندية تعيش فى بريطانيا.
أرجو أن تستمتعوا بها.

الفتاة التي تحكي القصص
بقلم ماييف بينشي
ترجمة خالد العوض

يقول الناس أن ( ايرين ) لديها قدرة كبيرة على التذكر . انها تتذكر التفاصيل الصغيرة لأشياء نسيها الناس منذ مدة طويلة – مثل الأغاني القديمة ، درجات اللون المختلفة لأحمر الشفاه القديمة، التفاصيل الدقيقة للأحداث المهمة مثل حفل التخرج ، أو حفلات الزفاف . اذا أرادوا تقريرا مفصلا لأحداث قديمة فانهم دائما يخبرون بعضهم البعض : اسألوا ( ايرين ).لم تأخذ ( ايرين ) نفسها بشكل جدي ذلك المساء الذي سبق اليوم المحدد لزفافها، لكنها لو كانت مضطرة لذلك فستقوم بتذكر كل شيء دون أية صعوبة . لم يكن صعبا أن تتذكر الرائحة ، زهرة الليلك في الحديقة ، لمعان الأثاث ، ازدياد اللون البرتقالي في المنزل ، بل حتى رائحة ( الكريم ) الغنية التي كانت تدلك يديها به عندما سمعت جرس الباب . لابد أن يكون هدية متأخرة أو عمة أخرى جاءت من الريف لتحضر مراسم الحفل .تفاجأت بسماع صوت ( أندرو ) يتحدث الى أختها أسفل الدار . كان من المفترض أن يكون ( أندرو ) في منزله يستقبل أقاربه كما هو الحال مع ( أيرين ) . عمه القسيس جاء من أفريقيا ليساعده في حفل الزواج ، و جدته ، تلك السيدة المتسلطة التي تعتبر أي تجمع هو بطريقة أو بأخرى تجمع يخصها هي أولا . لقد كانت ( ايرين ) مندهشة حقا كيف فلت ( اندرو ) من ذلك كله . لم تكن ( روزماري ) ، اختها التي ستقف بجانبها في حفل الزواج ، مهتمة بأي شيء ماعدا الظهور ببقعة كبيرة على وجها في يوم الزواج . أشارت الى ( أندرو ) أن يصعد الى أعلى . " انها هناك تتزيّن منذ ساعات " سمعتها ايرين تتحدث اليه . و قبل أن تتأثر بقلة لباقة أختها سمعت ( ايرين ) أندرو يقول " أوه ، ياالله " بطريقة مضحكة عرفت بعدها أن هناك مشكلة قبل أن يدخل أندرو باب غرفتها .كان وجه أندرو أبيضا مثل ذلك الفستان المعلق في الدرج الخشبي بين قطعتين من الورق. كانت يداه ترتجفان و تهتزان مثل فروع تلك الشجرة التي تطل من نافذتها ، الزهرة المتفتحة الصفراء تهتز في نسيم الصيف .حاول أن يأخذ يدها لكنها مغطاة بالكريم . قررت ( ايرين ) أن تستمر في دعك يدها . كان ذلك مثل عدم المشي فوق تصدعات في الطريق : اذا استمرت في دعك يديها فلن يستطيع أن يمسك بهما و لن يستطيع أن يخبرها بما هوعلى وشك أن يقوله .أخذت تدعك يديها بشكل مستمر وتلقائي كما لو كانت تلبس قفازات ضيقة . لم تتوقف يداها عن الحركة ، ولم يتغير وجهها اطلاقا .تعثرت كلماته لكن ( ايرين ) لم تساعده . جاءت كلماته أخيرا متعثرة و متناقضة مغلفة بالاعتذار واحتقار الذات . لم تكن هناك امرأة أخرى، وليس الأمر أنه توقف عن حبها ، بل انه يحبها الآن أكثر من أي و قت مضى . نظر اليها و عرف أنه يحطم كل أحلامهما و آمالهما ، لكنه فكر بالأمر بجدية ، والحقيقة هي أنه لم يكن مستعدا للزواج الآن ، بل انه لم يكبر بما فيه الكفاية .هو فنيا كبر غير انه لا يحس من داخل قلبه أنه كبر ,ان عليه أن يستقر. هو ليس متأكدا أن هذا هو الشيء الصحيح . أضاف بسرعة قائلا أن هذا لمصلحتهما كليهما وأن على ( ايرين ) أن تدرك أن هذا من مصلحتها هي أيضا .أخذت هي تدعك يديها و كفيها بشكل مستمر ، بل تعدت ذلك الى ذراعيها .بقيت هادئة على مقعد غرفتها الأزرق القصير وخلفها طاولة الزينة. لم يكن هناك دموع ، ولا نوبات غضب . لم يكن هناك حتى الكلمات. لم يستطع هو أن يكمل حديثه ." أوه يا ( ايرين )، قولي شيئا بحق الله . أخبريني كم أنت تكرهيني ، وماذا فعلت بحياتك " قال ذلك مستجديا أن ترد عليه .تكلمت ببطء . كان صوتها هادئا . " لكن بالطبع أنا لا أكرهك" قالت ذلك كما لو كانت توضح شيئا لطفل قليل الفهم . " أحبك وسأظل دائما أحبك . دعنا ننظر الى ما فعلته أنت في حياتي … لفد غيرتها بالتأكيد … " وقعت عيناها على فستان الزفاف .عاود أندرو الحديث مرة أخرى . لطافتها غير المتوقعة جعلت عبارات الخجل و الاحساس بالذنب تنساب منه كالسيل . أخذ على عاتقه أن يوضح الأمر للكل ، وأن يخبر والديها الآن . سيشرح كل شيء للضيوف وسيرى بارجاع الهدايا. سيعوض عائلتها ماديا عن كل النفقات التي صرفوها.اذا رأى الناس أن زواجهما كان هو القرار الصحيح فانه سيسافر الى الخارج ، الى مكان بعيد كأستراليا أو كندا أو أفريقيا …… في مكان ما حيث يحتاجون الى محامين شابين ، مكان حيث لا أحد من هنا ينظر اليه مرة أخرى ويتذكر المشاكل التي أحدثها.ثم أدرك فجأة أنه وحده فقط هو الذي الذي يتحدث . بقيت ( ايرين ) هادئة الا من حركات اليد التلقائية كما لو كانت لم تسمع شيئا او لم تفهم ما يقوله ." أنا أتكلم بجدية يا ( ايرين ) " قال ببساطة. " أنا جاد في ذلك . كنت أتمنى ألا أكون جادا ." " أعرف أنك جاد في ذلك ." بدا صوتها ثابتا و بدت عيناها واضحتين. انها تفهم ما يعنيه. انتهز أندرو الفرصة . " ربما انك تحسين بما أحسه . ربما كلانا نريد أن نخرج من هذا الأمر ؟ هل ذلك ما تقولينه ؟ كان مشتاقا أن يصدّق ذلك ، و بدا وجهه متحمسا لذلك . ليس هناك هوادة في هذا الموضوع . بصوت لم يهتز وعين لا يبدو مطلقا انها ستدمع قالت ( ايرين ) أنها تحبه وأنها ستبقى دائما تحبه . لكن هذا أفضل بكثير أن يكتشف أنه لا يستطيع أن يكمل هذا الأمر قبل ليلة من الزواج من أن يكتشف ذلك بعد ليلة من الزواج .على الأقل سيتمكن واحد منهما على الأقل على عمل زواج مختلف عندما يحين الوقت . " كلانا سويا بالتأكيد ؟ " قال أندرو ذلك مرتبكا .هزت رأسها ( ايرين ) . " لا أستطيع أن أرى نفسي أتزوج أحدا غيرك،" قالت ذلك من دون ان يكون هناك أي لوم أو ندم أو اتهام . فقط جملة اخبارية .في البيت الكبير حيث من المتوقع أن يحضر ثلاثمائة شخص غدا كان الوضع هادئا على نحو غير عادي . حتى النسيم تلاشى ، وحتى صوت اهتزازأطراف الظلّة التي صنعوها في مدخل البيت لا يسمعانه .استمر الصمت طويلا بينهما . لكن أندرو عرف أنها لن تبدأ الحديث . سألها " ماذا سنفعل أولا ؟ " نظرت اليه بصفاء كما لو كان يسألها عن أي أغنية يضعها في المسجل . لم تقل شيئا ." نخبر والدينا، والديك أولا . هل هما موجودان تحت ؟ " اقترح عليها ." انهما موجودان في نادي القولف . لديهما حفل استقبال بسيط لأولئك الذين لم يتمكنوا من الحضور غدا ."" يا ألله ! " قال أندرو.كانت هناك فترة صمت أخرى ." هل تعتقدين أنه يجب أن نذهب لنخبر والديّ اذن ؟ ستحتاج جدتي الى وقت كي تقبل بالأمر … "فكرت ( ايرين ) ثم قالت: " ربما " وكأن الأمر بدا لها غير مرض." أو ربما معدي الحفل " قال أندرو . " رأيتهم مشغولون باعداد المكان … " انخفض صوته. يبدو على وشك البكاء. " أوه ، ايرين ، انها فوضى عارمة." أعرف " وافقته ( ايرين ) ، كما لو كانا يتحدثان عن سحابة مطر ، أو تقلبات يوم لا يمكن تجنّبها ." أعتقد أنه يجب علي أن أخبر ( مارتن ) فهو مشغول بتطبيق الاتيكيت الخاص بالحفل ككل و بوضع الأشياء في أماكنها الصحيحة ، على الأقل سيرتاح من هذا العناء … " قال أندرو ذلك في ضحكة قلقة ، ثم ما لبث أن صحح نفسه " لكني آسف، بالطبع آسف ، آسف جدا ، بالطبع آسف جدا جدا لأن الأمر لم يتم ."" نعم بالطبع " وافقت ( ايرين ) بأدب ." وأختك ، ألا ترين أنه لابد من اخبار ( روزماري ) الآن ، و ( كاثرين ) ؟ و كذلك الاتصال ب ( ريتا ) واخبارها … و اخبارها … أنه … حسنا أنه … "" أخبرها ماذا بالضبط ؟ "" حسنا أخبريها أننا قد غيرنا رأينا … "" أنت غيّرت رأيك ، اذا أردنا الدقة " قالت ( ايرين )." نعم ، لكنك وافقت على ذلك " توسل اليها ." وافقت على ماذا ؟ "" على انه اذا كان ما سنفعله خاطئا فانه من الأفضل أن نكتشف ذلك الآن و ليس غدا عندما يفوت الأمر و نصبح زوجا و زوجة حتى الموت … " انقطع صوته . " أوه نعم ، لكني لا اعتقد أن زواجنا هو الشيء الخاطىء . "" لكنك وافقت ." كان مرتبكا." نعم بالطبع وافقت يا أندرو .أقصد وما فائدة ألا أوافق ؟ من الطبيعي أننا لن نستمر في ذلك . لكن هذا لا يعني أنني أنا التي قد أوقفت الزواج."" لا ، لا ، هل هذا مثل أهمية اخبار الناس .. أقصد الآن أننا نعرف أن الزواج لن يقام ، أليس هذا ظلما أن نترك الناس يعتقدون أنه سيقام ؟ "" نعم و لا ! "" لكن لا نستطيع أن نجعلهم يعدّوا الطعام ، و يلبسون … "" أعرف ذلك " قالت وهي تفكر ." أريد أن أقوم بعمل الأفضل ، الشيء العادل " قال أندرو . و قد كان كذلك ، كما رأته ( ايرين ) وفي الموقف الذي أحدثه و ما يزال يرغب أن يكون عادلا ." دعنا نفكر بالأمر " قالت له ايرين . " من هو الشخص الذي سيكون أكثر المتضررين من كل هذا ؟ "فكر و قال : " أبويك ، ربما ، لأنهما تحمّلا كل هذه المتاعب … " و أشار الى الحديقة حيث ثلاثمائة من المبتهجين سيتجوّلون هناك غدا." لا، لا أظنهما أكثر المتضررين. "" حسنا ، ربما عمي الذي تكبد مشاق السفر من أفريقيا وطلبه من الأسقف السماح له بالمجيء. أو جدتي … أو اخوتي. لن يتمكنوا من لبس ثيابهم الجديدة ." حاول أندرو أن يكون عادلا." أعتقد أنه أنا الشخص الذي سيكون أكثر تضررا ." قالت ذلك ( ايرين ) من دون أن ترفع صوتها ، كما لو كانت تعطي القضية حكما هادئا ." أقصد أن والدي لديهما ابنتان أخريان، ( روزماري ) و ( كاثرين ) سيتزوجان يوما ما . وعمك القديس … سيكون كما لو كان يقضي اجازة . لا ، أعتقد أنه أنا الشخص الذي سيكون أكثر تضررا ، لأنه لن يكون بمقدوري أن أتزوج الشخص الذي أحبه ولن أعيش الحياة التي توقعت أني سأعيشها . "" أعرف . أعرف " بدا صوتهما كما لو كان يقدّم عزاءا ." لذا ارجو أن تتركني أتصرف بالأمر بطريقتي. "" طبعا يا ايرين ، لهذا السبب أنا موجود هنا . كما تشائين ."" أرى أن لا نخبر أحدا بهذا الأمر. ليس الليلة . "" لن أغير رأيي اذا كان هذا ما تفكرين به."" يا الهي ، لماذا تغير رأيك ؟ ليس هناك مجال للتغيير فالأمر جدي. "لقد سلّمها مستقبلهما ، " افعلي ما تشائين، قولي فقط وأنا سأفعل ما تريدين. " كان مستعدا أن يدفع أي ثمن من أجل يوقف اتمام هذا الزواج.لكن ( ايرين ) لم تسمح لنفسها بالتفكير في الأمر." دعني أكون الشخص الذي سيغيب في يوم الزواج ." قالت ( ايرين ) ، " دعني أكون أنا التي غيرت رأيها. بهذه الطريقة على الأقل سأخرج من هذا الموضوع ببعض الكرامة."وافق ( أندرو ). العريس هو الذي ينتظر مقدم عروسه في الكنيسه. سيقول عند انتهاء الأمر أنه قد تضرر من جراء هذا الا انه احترم قرار " ايرين "" لن تخبر أحدا ؟ " طلبت منه وعدا بذلك ." ربما ( مارتن ) ؟ " اقترح عليها ." بالذات (مارتن) . سيفسد اللعبة. يجب أن تنتظرني بالكنيسة."" لكن ماذا عن أبيك و أمك… هل من العدل أن نترك ذلك حتى الدقيقة الأخيرة ؟ "" سيفضّلون أن اكون أنا التي خذلتك و ليس العكس ، من يريد فتاة تركها عريسها ؟"" لم اتركك … " قال لها ." أعرف ذلك ولكن الناس لا يعرفون ." توقفت عن دعك يديها . تحدثا كما لو كانا كأصدقاء يتآمرون. سينجح الأمر فقط اذا لم يكن هناك أي تلميح لأي شخص ." و ماذا نفعل بعد ذلك ؟ " بدا مشتاقا لمعرفة كل خطوة في خطتها ." بعد ذلك ، " قالت وهي تفكر ، " سنعيش حياتنا كأصدقاء .. حتى تقابل شخصا آخر .. سيحبك الناس و سيظنون أنك شخص متسامح، و متواضع .. لن يكون هناك أي ازعاج أو ارباك ." وقف أندرو عند بوابة البيت الكبير يلوح اليها مودعا ؛ بينما وقفت هي عند نافذتها تحت الشجرة العظيمة ترد على تحيته. كانت فتاة بمليون فتاة . خسارة انه لم يقابلها في وقت آخر عندما يكون جاهزا للزواج منها . تحركت معدته عندما فكر بما سيحدثونه من فوضى في اليوم التالي .رجع الى البيت في قلب مستعد لسماع قصص التبشير من عمه القسيس ، و حكايات المجد القديمة من جدته .
قرأ (مارتن) العديد من الكتب عن أفضل الرجال . كتب كثيرة جدا ." من الطبيعي أن تكون قلقا " قال لأندرو ذلك أكثر من أربعين مرة على الأقل ." من الطبيعي أن تكون بشأن ما تقوله (عند عقد القران في الكنيسة) ، لكن تذكر أن أهم شيء هوأن تشكر والديّ ( ايرين ) لأنهما أعطياك اياها."عندما سمعا بكاء جدة أندرو كان لمارتن تعليقه المهدّيء أيضا ، " من الطبيعي جدا للنساء الكبيرات أن يبكين في يوم الزواج."وقف أندرو هناك ينتظر. منذ أن أسّس الزواج ، لم يقف عريسا مثل هذا الموقف ، وهو يعرف بالتأكيد أن عروسه لن تتأخر فقط ، أو أن تأخرها بسبب زحمة المرور ، أوأنها تحاول ضبط غطاءها ، وكل الأعذار التي يوشوش بها ( مارتن ) أذنه.لقد أحس بالعار والخجل كما لم يحس بذلك من قبل ، أن يسمح لهؤلاء الثلاثمائة مدعو أن يجتمعوا في الكنيسة للاحتفال بزواج لن يتم . نظر بخوف الى القسيس ، ثم الى عمه.مضت ثوان قليلة ثم ما لبث أن وقف المجتمعون كلهم على أقدامهم و بدأ صوت الأورغ يعزف اللحن المألوف الخاص باستقبال العروس " ها هي العروس جاءت " .اتجه أندرو بنظره كأي عريس آخر و رأى ( ايرين ) هادئة تمسك بذراع والدها توزع ابتساماتها بين اليمين و اليسار.نظر الى عينيها و هو فاغر فاه ، ووجهه بدا أكثر بياضا من الفستان الذي تلبسه . أحس بيد ( مارتن ) و هي تضغط عليه تدفعه الى التقدم . تقدم ( أندرو ) الى الأمام ليقف بجانبها .
رغم أنها مشهورة بذاكرتها القوية ، الا أن ( ايرين ) لم تذكر هذه القصة لأي أحد كان. فقط تحدثت عنها مرة لأندرو في شهر العسل ، عندما حاول هو أن يتكلم عن أحداث الزواج. وفي كل السنوات التي تلت ذلك ، كان من الواضح أن ( ايرين ) قد اتخذت القرار الصحيح ، وغامرت المغامرة الصحيحة ، وأدركت أن زواجهما كان هو الشيء الصحيح ، فلم يعد هناك أي معنى من التحدث في تلك القصة .

1 comment:

Anonymous said...
This comment has been removed by a blog administrator.