Thursday, March 05, 2009

جَانْكْ



هيا بنا نبدأ معا هذه المسابقة. أريد أن أملأ هذه الصفحات بالكلمات فى أقل قدر ممكن من الوقت. مصطفى أمين أعطوه أكواما من الورق وقالوا له فى التحقيق أن يكتب قصة حياته كلها، منذ ولادته وحتى آخر شيء فعله قبل القبض عليه. أمسك مصطفى أمين القلم وأخذ يكتب أنه مظلوم، وأخذ يكررها هكذا: والله العظيم ثلاثة مظلوم والله العظيم ثلاثة مظلوم والله العظيم ثلاثة مظلوم والله العظيم ثلاثة مظلوم والله العظيم ثلاثة مظلوم والله العظيم ثلاثة مظلوم والله العظيم ثلاثة مظلوم والله العظيم ثلاثة مظلوم والله العظيم ثلاثة مظلوم والله العظيم ثلاثة مظلوم والله العظيم ثلاثة مظلوم والله العظيم ثلاثة مظلوم والله العظيم ثلاثة مظلوم والله العظيم ثلاثة مظلوم. وكان العسكرى الأمى الجاهل يرضى عنه عندما يراه يملأ الأوراق ويطالبه بالمزيد.
مهلا يا ولد. ما هذا الذى فعلته؟ أنت تحاول أن تغش بتكرار الكلمات فى الصفحة ثم تدعى أنك ملأتها؟ لابد أن تملأ الصفحات بكلام مختلف عن بعضه. ثم هل تظن نفسك ذكيا؟ تحاول أن تستعرض ثقافتك؟ كلنا قرأنا كتاب (سنة أولى سجن) ونعرف هذه القصة، ونعرف أيضا أنهم حاولوا أن يقهروه بإزاله عبارة (أسسها على ومصطفى أمين) من ترويسة أخبار اليوم، لكنه قال لهم أن الهرم الأكبر لم يكتب عليه (خوفو)!
هناك كاتب أهدى روايته في صفحة الإهداء إلى شخص غريب الاسم، من هو هذا الشخص؟ المشكلة أنني لا أتذكر اسم الاثنين. لا فلان ولا علان. لكني بالتأكيد سأتذكر الأمر عندما أرى الغلاف، لكن ليس لدىّ وقت لأذهب وأخرج الرواية من دولاب الملابس لأتأكد من الأسماء، لأنه مطلوب منى أن أكتب أكبر كمية ممكنة من الكلمات فى هذه الساعة لأكسب المسابقة والمال. نحن نتدرب الآن لنصبح صحفيين ناجحين، والصحفى الناجح هو الذى يستطيع أن يملأ الصفحات بأكبر كمية من الهراء بسرعة وكفاءة. كلما زاد عدد الصفحات التى كتبتها كلما زادت مكافآت النشر التى تحصل عليها وكلما استطاعت الجريدة أن تلحق بالمطبعة لتكون فى موعدها مع باعة الجرائد. لم تعد هناك كتب مع باعة الجرائد سوى كتب مكتبة الأسرة. كتب هائلة الحجم بأسعار رمزية. هل يمكننى أن أقاوم شراء كتاب عظيم الحجم قليل الثمن حتى لو كنت لن أفتحه أبدا؟ لا يمكننى ذلك طبعا فالورق غالى الثمن ومن الخسارة طبعا أن تترك هذا الورق دون أن تحصل عليه مادام ذلك فى إمكانك. حتى لو لم تقرأ فإنه يظل فى إمكانك دائما أن تفرد الصفحات لتمتص زيت البطاطس المقلية أو السمك. يمكنك أيضا أن تفرش الأدراج الخشبية الخشنة ببعض الصفحات أو أن تغلف بها الأطباق والأكواب الزجاجية قبل السفر. ويظل أيضا فى إمكانك دائما أن تحتفظ بالكتب سليمة فى المكتبة على سبيل التباهى بالثقافة. امتلأت المكتبة تماما فى غرفة نومى، وامتلأت أيضا تلك الموجودة فى صالة استقبال الضيوف. ابتعت مكتبة جديدة ووضعتها فى الردهة بين غرف النوم. امتلأت هى الأخرى. لهذا صرت أضع الكتب فى دولاب الملابس، والسبب هو مكتبة الأسرة وكتبها الرخيصة. لن تنتهى هذه المشكلة إلا بتوقف هذا المشروع أو بزواجى. ضاق أبى وأمى بكتبى ويحلمون بذلك اليوم الذى يلقون فيه بى وبها فى الشارع، ولن يتم هذا إلا إذا تزوجت وانتقلت من المنزل. لكن هذا أيضا صعب الحدوث نظرا للنقص الواضح فى البنات القبيحات هذه الأيام، وأنا لازلت أذكر نصيحة الحكيم العربى لابنه حين قال له لا تتزوج يا بنىّ من جميلة ينظر إليها الناس فى الذهاب والإياب. أنا أعرف أنه قال له أيضا ولا تتزوج من قبيحة فتنفر منها، لكن حتى متوسطات الجمال ينظرون إليهن هذه الأيام، وأنا أريد واحدة لم ينظر لها أحد قط.
لعلك تلاحظ أنني لا أقسم الكلام إلى فقرات كثيرة كي لا يتهمني أحد أنني أحاول أن أنهى الصفحة بسهولة، وذلك بأن أكتب فقرات قصيرة ينتهي بعضها بكلمة واحدة تنهى السطر وبذلك أكسب سطورا عديدة تملأ الصفحات، لكنني أمين ولا تسمح لي أخلاقي بالغش واستخدام أساليب كهذه رغم أنها غير ممنوعة قانونا. لكن الحقيقة أنه ليس هناك قانون مكتوب للمسابقة يسمح أو يمنع فعل هذه الأشياء، ولأن المحكمين هم الذين يملكون أن يحددوا الفائز بغض النظر عن أي شىء، فلهذا السبب فإنني لن أربح، لأن هناك من سيملأ الصفحات بفقرات قصيرة ولن يعترض أحد على الأسطر التي تركها فارغة، بينما لو فعلت أنا هذا لقالوا لي أن هذا ممنوع، وهكذا فالفرصة غير متكافئة، وعلى هذا فإنني لن أكمل الكتابة لأنه لا منفعة تحت الشمس ولأن باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح كما يقول الجامعة، ولأنني سأبحث عن مهنة أخرى.

13 comments:

adel said...

nice topic

اول مرة اعرف القصة دي

شكرا علي المعلومات القيمة دي

إيناس حليم said...

أنا أول مرة أدخل المدونة.. عرفتها من صديق..وبكرة هشكره ان شاء الله
:))
نفسك الساخر أكثر من رائع
ومدونتك كلها أبهرتني

لا تبحث عن مهنة أخرى لأنك لن تستطيع
:)
من الواضح أنك تعشق الصحافة

تحياتي

Unknown said...

لا تتزوج من قبيحة فتنفر منها



لكنني أمين


وانا امين ايضا

بغض النظر عن أي شىء

أحمــــــــدبــــــــــلال said...

ايه اللك ده كله ايه يا عم
بالرغم من ان البوست مش كبير الحجم لكن قرأت فيه كمية كلمات و بطريقة متتالية تخنق بجد فى بعض الاحيان

بس ممكن واحد غيرك يكتب أكتر من كده

فكرتنى بموضوع الكتب ده
فى اجازتى السابقة أشارت أمى انه يجب علينا و بشكل ضرورى مكتبة فى منزل الزوجية
منزل الزوجية المستقبلى بالطبع
و ذلك لتعدد الكتب التى املكها و لاتى ملأت بها مكتبتى و مكتبة أخواى بعدما تزوجوا
و دولاب كتب الدراسة بعد تخرجنا جميعاً
و حاليا فى دولاب الملابس و فوق السرير و فى الادراج و فى كل مكان تقريباً

إبراهيم شعبان said...

أظن أيضاً أن علي أمين توأم مصطفى أمين كان هو من وجه الكاتب الكبير أحمد رجب إلى تكثيف كتاباته حتى وصل أحمد رجب إلى كتابة نص كلمة

Oss said...

:)
أنا توهت فى النص

بس فى الآخر برضه مش هراء ولا كلام حشو ورق
بوست على مدونه له معنى وله كيان
:)

لو حد تفكيره سليم ومش بيبطل يفكر
عمره ماهيكتب هراء حتى لو حاول
كتابة الهراء صعبة أحياناً

بس بعيداً عن الهراء
أنا ماشوفتش حد بيكتب بالكم اللى سناء البيسى بتكتبه
لما مقاله واحد عن موضوع واحد تتنشر فى صفحه كامله فى الأهرام وفى 8 صفحات فى كتاب مقطع كبير
ومع ذلك بتقرا بسلاسه ويس
وتحس إنك مش عايز الكلام يخلص
تبقى دى عبقرية العبقرية

وعبقرية تانيه إنك تلخص مقال كامل فى سطرين من غير ما تأثر على المعنى
وطبعاً ماحدش زى أحمد رجب عنده القدره دى

فى النهايه
تحياتى
وعمرك ما هتعرف تكتب هراء
:)

Michel Hanna said...

عادل: تقصد قصة سنة أولى سجن؟

Michel Hanna said...

إيناس: ألف ألف شكر
أثلجت صدري :)

Michel Hanna said...

محدش: ماشي يا عم :)
أحمد بلال: واضح انها مشكلة مشتركة في بيوت الناس اللي بتقرا

Michel Hanna said...

على الصبي: صح
أوس: دي مجرد كتابة لواحد كان مهيس بنسبة ما :)

نبيلة مسعود said...

السلام عليكم
اول مرة اشوف مدونتك
بس بجد رائعة
وكل الموضوعات اللي شوفتها هايله
انا سعيدة جدا بيها

فوبيا - سايكولاند said...

جامده

معاذ رياض said...

نصيحة لكل من يهوى كتابة الجانك تكست :

ابحث عن مهنة أخرى قبل ما القطر يفوتك